Wednesday 8 June 2011

مصدر إعلامي فرنسي يكشف لغز"استقالة" السفيرة السورية في باريس لمياء شكور

لعبة مخابراتية سورية خبيثة ردا على موقف رئيس الوزراء الفرنسي ، شاركت فيها السفيرة وإحدى الموظفات السوريات في السفارة بالاتفاق مع ضابط أمن السفارة ، والخارجية الفرنسية كان أول من وقع في الفخ!؟
باريس ، الحقيقة ( خاص من : سوزان / ألين بورجوا): قال مصدر إعلامي فرنسي في قناة " فرانس 24" الفرنسية (التي تبث بالإنكليزية) إن القناة "وقعت على الأرجح في فخ مخابراتي محكم جرى تدبيره من قبل المخابرات السورية فيما يتعلق بقضية استقالة السفيرة السورية في باريس لمياء شكور"(الصورة جانبا). وبحسب المصدر الذي تحدث مع "الحقيقة" بشرط عدم الإشارة لاسمه " لقد اتصلنا بها على رقم السفارة الذي اعتدنا استخدامه من أجل دعوتها للمشاركة في برنامج عن سوريا يبث من الاستديو . وقد وافقت من حيث المبدأ على ذلك . وبعد فترة وردنا اتصال من متحدثة قدمت نفسها على أنها السفيرة السورية في باريس  لمياء شكور ، وإنها تريد الإدلاء ببيان هام  يتعلق بالأحداث الجارية في سوريا . لكن لم يخطر ببال التقنيين والصحفيين ( في المحطة) أن أحدا يمكن أن ينتحل شخصية سفير . ولهذا لم يجر التدقيق في الرقم الذي كان معمىّ Inconnu ، ولم نقم بما يتوجب على أي صحفي محترف القيام به في هكذا حالات، وهو أن نبادر إلى الطلب من المتصلة إغلاق الخط  بعد الحصول منها على رقمها الأرضي من أجل الاتصال بها ، أو الاتصال بها على الرقم المعروف لدينا ، والذي نستخدمه من وقت لآخر". وقال المصدر " إن المعلومات التي تجمعت لدينا حتى الآن تفيد بأن سيدة سورية تعمل في السفارة ، بادرت ـ بالاتفاق مع ضابط أمن السفارة ومع السفيرة شخصيا ـ إلى الاتصال بالمحطة والإدلاء ببيان الاستقالة الاحتجاجي على ما يجري من قمع في سوريا . وكان من الواضح أنه بيان مكتوب بالإنكليزية وكلماته منتقاة بعناية ، ولم يكن بيانا ارتجاليا . فقد قالت حرفيا باللغة الإنكليزية : رغم أني افتخرت دائما بشجاعة قواتنا المسلحة، لكنني لا أستطيع دعم دورة العنف ( في بلادي) . لا أستطيع أن أتجاهل مطالب المتظاهرين الذين يموتون بشرف، والذين تعيش عائلاتهم اليوم في حالة ألم على فقدانهم. إن استقالتي كسفيرة لسوريا في فرنسا أصبحت نافذة المفعول منذ هذه اللحظة". وبعد أقل من ساعة ، وهذا ما يؤكد تحليلنا ومعلوماتنا عما جرى ، يتابع المصدر حديثه، بادرت السفيرة ، شخصيا هذه المرة ، إلى الاتصال بقناة بلدها الرسمية لتدلي ببيان غاضب واستنكاري لما جرى ، وتنفي قصة الاستقالة من أساسها ، وتعزو ما جرى إلى أنه حلقة من دس المعلومات المغرضة عن بلادها. كما بادرت إلى الاتصال بقناة الجزيرة للأمر نفسه".
    وبحسب المصدر ، فإنه من المستحيل أن تبادر خلال وقت قصير من إدلائها المفترض بحديثها  للقناة الفرنسية إلى الاتصال بقناة بلدها وقناة الجزيرة لتنفي ذلك لولا أنها كانت تعلم مسبقا بالسيناريو كله ، و تلعب دورا محوريا فيه. ولولا ذلك لكانت ـ كما يفترض أن يحصل في هكذا حالات ـ بادرت إلى الاتصال بمحطة " فرانس 24" الفرنسية نفسها لتقول مثلا " إن من اتصلت بكم قبل قليل انتحلت شخصيتي" ، ولما كانت بادرت إلى الاتصال بقناتين عربيتين!؟ وقد اختار " متآمرو السفارة السورية"  قناة " فرانس 24" الناطقة بالإنكليزية وليس الناطقة بالعربية أو الفرنسية  لأن صوت غير المواطن الفرنسي أو البريطاني أو الأميركي ( الذي لا يجيد اللكنة الفرنسية أو الإنكليزية كأهلها الأصليين) يمكن انتحاله بسهولة ويمكن أن يختلط  على المستمع ،الذي لا يرى صاحب الصوت، أكثر من صوت المواطن الذي يتحدث بلغته الأم  ، لاسيما إذا كان صوت المتحدث غير مألوف لوسائل الإعلام والرأي العام ولا يعرفه ويحفظه في الذاكرة إلا عدد محدود ممن تحتك بهم بشكل يومي ومستمر، وهي حال السيدة شكور.  وقال المصدر " إن ما جرى كان بهدف الرد على تصريح رئيس الوزراء الفرنسي آلان جوبيه الذي قال فيه إن الأسد فقد شرعيته ، ولإظهار فرنسا ، الرسمية والإعلامية، باعتبارها تحيك الأكاذيب عن سوريا ، وتضطلع بمؤامرة  مخططة ضدها ، وإظهار الإعلام الفرنسي شبه الرسمي على أنه كاذب ويختلق القصص".
   وجوابا على سؤال يتعلق قدرة المحطة على الدفاع عن نفسها قضائيا ، إذا ما تقدمت السفيرة بدعوى أمام القضاء الفرنسي ضد المحطة كما تعهدت لقناة الجزيرة ، قال المصدر" إذا لم نستطع أن نبرهن بالوثائق والأدلة التقنية ، كأن نبرهن أن الاتصال جاء من مقر السفارة أو من هاتف شخص على صلة بالسفيرة ، أو أن السفيرة نفسها هي من اتصل ، فمن المؤكد أننا سنخسر الدعوى". وهنا كشف المصدر عن معلومات أخرى تجمعت للمحطة  مساء اليوم ( أمس) تفيد بأن شخصا من السفارة بدأ منذ الصباح تسريب أنباء إلى وسائل إعلام فرنسية وأجنبية ، وإلى وزارة الخارجية الفرنسية نفسها ، مفادها أن "السفيرة غادرت السفارة نهائيا ، وهي على وشك الإعلان عن استقالتها احتجاجا على القمع في بلادها. ولذلك كان الإعلام كله مستعدا لتلقف مكالمة هاتفية  شخصية أو بيان رسمي منها يؤكد ذلك ، بالنظر لأن الاستقالة ـ لو كانت صحيحة ـ لكانت أول انشقاق هام في مؤسسات النظام ، إذا وضعنا جانبا ما قيل عن انشقاقات في أوساط بعض العسكريين  من الرتب الدنيا ، وهو أمر لم يستطع أحد تأكيده بشكل قاطع حتى الآن". وكشف المصدر عن أن قناة" فرانس 24" ( بلغات بثها الثلاث : الفرنسية والعربية والإنكليزية) كانت "تلقت هذه التسريبات باكرا عن طريق وزارة الخارجية الفرنسية التي طلبت منا الاستعداد للاهتمام بالأمر . ويبدو أن الوزارة نفسها وقعت في الفخ قبل أي جهة أخرى"!؟
   تبقى الإشارة إلى أن لمياء شكور هي ابنة رئيس أركان الجيش السوري خلال حرب تشرين الأول / أكتوبر1973 ، اللواء يوسف شكور ـ أول قائد للجيش السوري من الطائفة المسيحية ، والسفير السوري في فرنسا بعد إحالته للتقاعد من خدمته العسكرية.